في خطوة نوعية تعكس مكانته الريادية في دعم السينما العربية وتعزيز حضورها الدولي، يشارك مهرجان القاهرة السينمائي الدولي بتمثيل غير مسبوق ضمن فعاليات الدورة الـ78 لمهرجان كان السينمائي الدولي، والتي تُقام في الفترة من 13 إلى 24 مايو الجاري بمدينة كان الفرنسية. تأتي هذه المشاركة في إطار استراتيجية أوسع تهدف إلى إعادة تموضع السينما المصرية والعربية في المشهد السينمائي العالمي، وتعزيز فرص التعاون والإنتاج المشترك مع أهم صناع السينما على مستوى العالم.
جناح مهرجان القاهرة في مهرجان كان
ويُشارك المهرجان هذا العام من خلال جناح مصري رسمي داخل سوق مهرجان كان السينمائي (Marché du Film)، وهو ثمرة تعاون بين مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، ومهرجان الجونة السينمائي، ولجنة مصر للأفلام (EFC)، حيث يجتمع تحت هذا السقف ممثلون عن صناعة السينما المصرية لتقديم وجه جديد لمصر كمركز إقليمي للإنتاج السينمائي، وموقع تصوير يتمتع بمقومات فنية وتقنية وبشرية منافسة.
حسين فهمي في مهرجان كان
من أبرز فعاليات هذه المشاركة، الجلسة النقاشية المرتقبة التي يشارك فيها الفنان حسين فهمي، رئيس مهرجان القاهرة السينمائي، تحت عنوان “من هوليوود إلى القاهرة: ربط الصناعات السينمائية الأمريكية والمصرية”. وتهدف هذه الجلسة إلى استكشاف آفاق التعاون بين صناع السينما في مصر والولايات المتحدة، وتسليط الضوء على السينما المستقلة كمجال خصب للتجارب المشتركة. ويرى القائمون على الجلسة أن هذا النوع من الحوار يُسهم في فتح آفاق جديدة لصناعة الأفلام العابرة للحدود، ويُعزز من جاذبية مصر كموقع إنتاج عالمي.
المهرجانات السينمائية العربية
وفي إطار دعم التكامل بين المهرجانات السينمائية العربية، يُشارك الناقد محمد طارق، المدير الفني لمهرجان القاهرة، في جلسة بعنوان “بناء الروابط بين مهرجانات الأفلام العربية”، والتي تتناول أهمية التعاون المشترك بين هذه المهرجانات في دعم المخرجين العرب وتوسيع دوائر التوزيع والتمويل والإنتاج الإقليمي.
ومن بين أبرز الفعاليات كذلك، جلسة بعنوان “الموجة الجديدة: تسليط الضوء على صانعي الأفلام العرب الصاعدين”، التي يديرها الناقد محمد سيد عبد الرحيم، مدير ملتقى القاهرة السينمائي. تناقش الجلسة تجارب عدد من المخرجين العرب الشباب، والدور الذي يمكن أن تلعبه المهرجانات في رعاية وتطوير مواهبهم للوصول إلى العالمية.
كما يُنظم الجناح المصري عددًا من اللقاءات المهنية والندوات المتخصصة، من بينها جلستان حول آليات الإنتاج المشترك وإبراز مصر كوجهة سينمائية دولية، بالإضافة إلى حفلات استقبال تهدف إلى خلق فرص تواصل مباشر بين صناع السينما المصريين ونظرائهم العالميين.
قصر المهرجانات كان
وعلى مسرح قصر المهرجانات، يُشارك حسين فهمي في جلسة رئيسية بعنوان “مصر: دولة الأفلام الرائجة في العالم العربي”، التي تُنظم بالتعاون بين مركز السينما العربية (Arab Cinema Center) و(MDF_Cannes). وتتناول الجلسة مكانة السينما المصرية في السوق العربي والدولي، بمشاركة عدد من أبرز الفاعلين في صناعة السينما العربية والعالمية، ويديرها الصحفي نيك فيفاريلي، مراسل مجلة Variety.
وفي ركن الأفلام القصيرة (Short Film Corner)، يشارك محمد طارق في جلسة مغلقة بعنوان “حقيقة أم تحدٍ؟” (Truth or Dare)، والتي تقدم منصة لصناع الأفلام القصيرة للتفاعل مع محترفين دوليين، والحصول على تغذية راجعة مهنية لمشروعاتهم.
أما في مبادرة Fantastic 7، التي تُقام بالتعاون مع سوق مهرجان كان، فيمثّل مهرجان القاهرة مشروع الفيلم العراقي “عين حارة”، الذي نال دعمًا من ملتقى القاهرة السينمائي. ويحظى المشروع باهتمام واسع من قبل منتجين عالميين، مما يعكس الدور المتنامي للمهرجان في رعاية مشاريع عربية واعدة.
فيلم الحياة بعد سهام
ومن علامات النجاح اللافتة، يُعرض فيلم الحياة بعد سهام للمخرج نمير عبد المسيح ضمن قسم ACID في مهرجان كان، وهو أحد المشاريع التي تلقت دعمًا سابقًا من الملتقى عبر جوائز مقدمة من شركاء مثل ART وErgo عام 2021، في تأكيد جديد على قدرة الملتقى على تقديم مشاريع تصل للعالمية.
وعلى هامش المشاركة الرسمية، يستضيف الجناح المصري احتفالًا خاصًا بمناسبة مرور 100 عام على تأسيس الاتحاد الدولي للنقاد السينمائيين (فيبريسي)، مما يكرّس أهمية النقد كجزء أصيل من منظومة تطور الفن السابع.
مهرجان القاهرة السينمائي
هذه المشاركة الكبيرة من مهرجان القاهرة السينمائي في كان 2025 تمثل تجسيدًا حيًا لرسالة مصر الثقافية، التي تسعى إلى تأكيد حضورها المؤثر في صناعة السينما العالمية. وهي أيضًا دعوة مفتوحة لبناء مستقبل سينمائي عربي قائم على الإبداع، والانفتاح، والتكامل.
ويُذكر أن مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، الذي انطلق عام 1976، يُعد من أعرق المهرجانات السينمائية في العالم العربي وإفريقيا، وهو أحد المهرجانات القليلة في المنطقة المعتمدة من قبل الاتحاد الدولي لجمعيات منتجي الأفلام (FIAPF). ويواصل المهرجان تقديم منصة قوية لعرض السينما العالمية، مع تركيز خاص على دعم السينما العربية والإفريقية وتطوير جيل جديد من صناع الأفلام.
مهرجان كان السينمائي
أما مهرجان كان السينمائي، الذي تأسس عام 1946، فهو الحدث السينمائي الأبرز عالميًا، ويُعد من أهم منصات الإطلاق للأفلام الفنية والتجارية على السواء. ويجمع السوق السينمائي التابع له آلاف العاملين في الصناعة، مما يجعله فرصة لا تُقدّر بثمن لأي جهة تسعى إلى تعزيز حضورها السينمائي على الساحة الدولية.
