تحل اليوم الإثنين 5 مايو ذكرى ميلاد الفنانة الكبيرة فردوس محمد، التي عرفها جمهور السينما المصرية بلقب أم السينما المصرية، وارتبطت صورتها دائمًا بالأم الحنون والمُضحية في أغلب الأفلام الكلاسيكية، لكن في حياتها قصة غريبة أخفتها لسنوات طويلة: إنها لم تكن فقط أماً على الشاشة، بل أماً في الحقيقة، لكن في الخفاء.
ابنة فردوس محمد
رغم ما كان يُشاع لسنوات عن أن الفنانة فردوس محمد لم تُرزق بأبناء، فإن الواقع كان مختلفًا تمامًا، فقد أنجبت ابنة واحدة بعد أن فقدت ثلاثة أطفال من قبل، وكانت المأساة تتكرر في كل مرة، ما دفعها إلى الاعتقاد بأنها “محسودة”، وهو ما جعلها تتخذ قرارًا صادمًا ومؤلمًا في نفس الوقت: إخفاء وجود طفلتها الأخيرة عن العالم.
نصحتها إحدى جاراتها المقربات بأن تخفي خبر إنجابها حتى لا تلقى الطفلة نفس مصير إخوتها الذين ماتوا قبل أن تفرح بهم. وبالفعل، بعد ولادة ابنتها، قررت فردوس محمد أن تدّعي أنها تبنّتها من أحد الملاجئ، وبدأت في تربية الطفلة أمام الجميع على هذا الأساس.
لم تكن تلك مجرد كذبة بيضاء، بل كانت خطة محكمة استمرت 17 سنة كاملة. لم تلمح لأحد عن الأمومة الحقيقية، ولم تضعف أمام تساؤلات الزملاء أو الأصدقاء أو حتى أفراد العائلة. كانت تعيش حياة مزدوجة بين شخصية الأم بالتبني في العلن، والأم الحقيقية في السر.

لكن هذا السر لم يستمر إلى الأبد، إذ لم تستطع فردوس محمد أن تُخفي الحقيقة في لحظة زواج ابنتها، فقررت أن تكشف كل شيء في تلك الليلة العاطفية. وخلال حفل الزفاف، ومع دموعها المنهمرة، أخبرت الجميع أن العروس هي ابنتها الوحيدة، وأنها أخفتها عن العالم خوفًا من أن تخسرها كما خسرت أبناءها السابقين.
المشهد كان مؤثرًا للغاية، فالجميع بكى معها، واختلطت مشاعر الفرح والدهشة بالتقدير الشديد لتلك السيدة التي ضحّت بمشاعر الأمومة المعلنة، واختارت أن تحمي ابنتها في صمت.
قصة فردوس محمد مع ابنتها تكشف لنا جانبًا إنسانيًا مؤلمًا في حياة فنانة عظيمة، عرفناها جميعًا كمثال للأم الطيبة في السينما، لكنها كانت أيضًا مثالًا للأم القوية التي فضلت أن تكتم سعادتها لأجل حياة طفلتها. ورغم رحيلها، تبقى هذه القصة واحدة من أكثر اللحظات إنسانية في تاريخ فناني الزمن الجميل.