رغم مرور سنوات على اعتزاله التمثيل، لا تزال لحظات تتويج جاك نيكلسون بجائزة الأوسكار محفورة في ذاكرة السينما الأمريكية، لا فقط لإنجازاته الفنية، بل لما حملته كلماته من عفوية ودهاء وأحيانًا لمسة من السخرية. الممثل المخضرم الذي حصد ثلاث جوائز أوسكار على مدار مسيرته، ترك بصمات لا تُنسى في كل مرة صعد فيها إلى المسرح ليحمل التمثال الذهبي.
اليوم يحتفل جاك نيكلسون بعيد ميلاده الـ88 إذ ولد يوم 22 أبريل عام 1937، ونتذكر في السطور التالية لحظات تتويجه بجوائز الأوسكار، علما بأنه صاحب الرقم القياسي في عدد الترشيحات للجائزة بـ12 ترشحيا.
أوسكار أولى ونكتة لا تُنسى – عن فيلم One Flew Over the Cuckoo’s Nest
في التاسع والعشرين من مارس عام 1976، وقف نيكلسون على مسرح دوروثي تشاندلر بافيليون ليتسلم أول أوسكار في مسيرته، عن دوره الاستثنائي في فيلم One Flew Over the Cuckoo’s Nest. بدأ كلمته بجملة أصبحت لاحقًا من أشهر ما قيل في حفلات الأوسكار، حين قال مازحًا إن فوزه يثبت أن عدد المجانين في الأكاديمية لا يقل عن أي مكان آخر. ثم شكر فريق العمل بالكامل، وخص بالذكر الممثلة ماري بيكفورد، مشيرًا إلى أنها أول من حصل على نسبة من أرباح أفلامها، قبل أن يختم بشكر ساخر لوكيل أعماله الذي أخبره قبل عشر سنوات أنه لا يصلح لأن يكون ممثلًا.

أوسكار ثانية بحفاوة جماعية – عن فيلم Terms of Endearment
في التاسع من أبريل 1984، صعد نيكلسون مجددًا إلى المنصة، هذه المرة كممثل مساعد في فيلم Terms of Endearment. بدأ كلمته بشكر الأكاديمية والمنافسين، مشيدًا بجهود المخرج والكاتب جيم بروكس، الذي كتب له نسخًا متعددة من الخطاب المتوقع. ولم ينس الإشارة إلى زميلتيه في الفيلم، ديبرا وينجر وشيرلي ماكلين، قائلًا إن أداءهما كان كافيًا ليشكل رقصة تفسيرية عن الحياة كلها. وبطريقته المعتادة، أرسل تحية لمحبيه في أماكن غير متوقعة، من نادي الروك في روكسي إلى أعالي جبال الروكي.
أوسكار ثالثة ووداع راقٍ – عن فيلم As Good as It Gets
في الثالث والعشرين من مارس 1998، تسلم نيكلسون ثالث أوسكار في مشواره، هذه المرة عن دوره في فيلم As Good as It Gets. وبينما كان واضحًا عليه التوتر، بدأ كلمته بشكر أعضاء الأكاديمية، ووجه التحية إلى منافسيه ومن بينهم روبرت دي نيرو ومات ديمون، الذي أشار إليه بلقب ابن صديقه القديم بيتر فوندا. وأكد فخره الكبير بالفيلم، ثم انطلق في سلسلة من الأسماء التي شاركت في إنتاج العمل، حتى توقف مازحًا لأن المنظمين بدأوا يشعرون بالقلق من طول الخطاب. ثم ختم كلمته بإهداء الجائزة إلى مجموعة من الأصدقاء الراحلين، ومنهم مايلز ديفيس وروبرت ميتشوم وجي تي والش، مؤكدًا أنهم ما زالوا في قلبه.
حضور لا يُنسى
رغم أنه لم يكن أكثر الممثلين ظهورًا على الشاشات الصغيرة أو في اللقاءات التلفزيونية، فإن جاك نيكلسون كان يعرف متى يتحدث وكيف يترك أثرًا. في كل مرة وقف فيها على منصة الأوسكار، لم يكن ممثلًا يتسلم جائزة، بل أيقونة يحتفل بنجاحه ويكرمه مجتمعه الفني. ثلاث لحظات، كل منها تحمل لمسة من عبقريته، وشخصيته الساخرة، وصدقه الفني